تخطى إلى المحتوى

عقوبة التهديد في القانون الإماراتي ومفهومه وأنواعه

في إحدى القضايا التي نظرتها محكمة جزائية في دولة الإمارات، تلقّى موظف رسالة تهديد من زميل سابق، تتوعده بنشر أسرار مهنية ما لم يدفع مبلغًا ماليًا. مثل هذه الوقائع تُبرز أهمية فهم عقوبة التهديد في القانون الإماراتي، خاصة مع تنوع وسائل التهديد الحديثة.

في هذا المقال، نوضح مفهوم التهديد قانونًا، ونتناول أنواع التهديدات المُجرّمة، ونفصل في العقوبات المقررة بحسب جسامة الفعل، ونشرح أيضًا الجهات المختصة باستقبال شكاوى التهديد.

تواصل مع افضل مكتب محاماة في أبوظبي عبر ارقامنا على صفحة اتصل بنا.

مفهوم التهديد في القانون الإماراتي

التهديد في القانون الإماراتي هو كل قول أو فعل يُقصد به بث الخوف أو الرعب في نفس المجني عليه بقصد التأثير على إرادته، لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه دون رضاه، ويُعدّ من الجرائم المعنوية التي تقوم على توافر النية الجرمية والقصد الجنائي لدى الجاني، أي علمه بخطورة فعله ورغبته في تحقيق أثره على الضحية.

ويشمل التهديد كافة الوسائل، سواء كان باللفظ أو الإشارة أو الكتابة أو باستخدام الوسائل الإلكترونية، ويكتسب وصف الجريمة بمجرد تحقق الأثر النفسي المقصود، بغض النظر عن تنفيذ التهديد من عدمه.

وتقوم الجريمة على ثلاثة أركان:

  • الركن المادي وهو فعل التهديد بأي وسيلة.
  • الركن المعنوي ويقتضي توافر نية الجاني في التأثير أو الإضرار.
  • ركن الخطر وهو الأثر النفسي المتمثل في خوف المجني عليه، دون اشتراط وقوع ضرر فعلي.

ما عقوبة التهديد في القانون الإماراتي؟

يعاقب القانون الإماراتي على التهديد بحسب درجة الخطورة والنية، وينص على ذلك المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021، وهي جزء من قانون الجرائم والعقوبات.

إليك عقوبة التهديد في القانون الإماراتي:

عقوبة التهديد المصحوب بطلب أو تكليف

إذا قام شخص بتهديد آخر بارتكاب جريمة (مثل القتل أو الاعتداء أو التشهير) وكان التهديد مصحوبًا بطلب (مثل المال أو تنفيذ أمر معين)، فإن عقوبة التهديد في القانون الإماراتي تكون مشددة إذ تصل إلى السجن المؤقت حتى 7 سنوات

مثال: شخص يرسل رسالة يقول فيها: “إذا لم تدفع لي 20 ألف درهم، سأنشر صورك الخاصة.”

عقوبة التهديد دون طلب أو تكليف

في هذه الحالة، يكون التهديد قائمًا بارتكاب جريمة، لكنه غير مرتبط بأي طلب أو ابتزاز. وتكون عقوبة التهديد في القانون الإماراتي باعتباره غير مصحوب بطلب السجن حتى سنة واحدة فقط

مثال: شخص يقول لآخر: “سوف أقتلك في يوم من الأيام”، لكن دون أن يطلب منه فعل شيء.

عقوبة التهديد البسيط أو العام

يشمل التهديدات التي تحدث أثناء المشاجرات أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، دون نية واضحة أو خطة لتنفيذ الجريمة. وتكون العقوبة السجن حتى سنة واحدة أو غرامة لا تقل عن 10,000 درهم.

مثال: أثناء خلاف بسيط، يقول أحدهم: “سترى ما سأفعل بك” أو يرسل رسالة بها تهديد غير مباشر دون تفاصيل.

أنواع التهديدات المجرَّمة في القانون الإماراتي

تتنوع صور التهديد المُجرَّم في القانون الإماراتي بحسب طبيعة الفعل ومضمونه والأثر النفسي المقصود منه، حيث لا يقتصر التهديد على العنف الجسدي فقط، بل يشمل كل وسيلة ترهيب تُستخدم للإضرار بالضحية أو التأثير على إرادتها، سواء كانت موجهة إلى شخصها أو إلى أحد من ذويها، أو إلى سمعتها أو ممتلكاتها.

وفيما يلي أبرز أنواع التهديد التي يجرّمها القانون:

1. التهديد بالقتل أو الإيذاء الجسدي

ويُعد من أخطر صور التهديد، حيث ينطوي على وعيد مباشر أو ضمني بإزهاق الروح أو التسبب بضرر بدني جسيم. لا يشترط أن يكون التهديد مصحوبًا بسلاح أو دليل على نية التنفيذ، بل يكفي أن يُحدث خوفًا فعليًا في نفس المجني عليه. وتزداد جسامة الجريمة إذا وُجّه التهديد إلى أحد أفراد الأسرة أو الأطفال أو وقع في بيئة العمل.

اقرأ عن أهم التفاصيل حول الشروع في القتل في القانون الإماراتي.

2. التهديد بالاعتداء على المال

يتحقق عندما يتوعد الجاني بإلحاق ضرر مادي بممتلكات المجني عليه، كإتلاف سيارته أو اقتحام منزله أو تخريب متجره. ويُجرَّم هذا النوع من التهديد لأنّه يُستخدم كأداة للضغط الاقتصادي أو النفسي، حتى لو لم تكن النية الجادة في التنفيذ متوفرة، ما دام قد أحدث خوفًا واقعيًا لدى الضحية.

اقرأ عن عقوبة الاعتداء على ممتلكات الغير في أبوظبي.

3. التهديد بالخطف أو الحرمان من الحرية

يعد من الصور التي تمس الشعور بالأمان الشخصي، ويشمل كل تهديد باحتجاز الشخص أو منعه من الحركة أو خطف أحد ذويه، سواء كان ذلك بدافع الانتقام أو الابتزاز أو الإكراه. هذا النوع من التهديد يحظى بحماية قانونية مشددة نظرًا لما يسببه من رعب حقيقي للضحايا، خصوصًا إذا وُجّه ضد الأطفال أو النساء.

4. التهديد بفضح أسرار أو معلومات شخصية

يتحقق هذا النوع عند استخدام معلومات خاصة أو صور أو تسجيلات صوتية أو فيديوهات حساسة لتهديد الشخص بنشرها ما لم يستجب لمطالب معينة. وغالبًا ما يتم ارتكاب هذا النوع من التهديد عبر الوسائل الإلكترونية، ويقترن أحيانًا بجريمة الابتزاز، ويُعد انتهاكًا صارخًا للحياة الخاصة.

5. التهديد بالإساءة إلى السمعة أو الشرف

يتضمن كل تهديد يتعرض لاعتبار الشخص أو كرامته، مثل التوعد بنشر إشاعات، أو الادعاء الكاذب بسلوك غير أخلاقي، أو نسب أمور خادشة للشرف دون دليل. ويُعتبر هذا النوع من التهديد من الجرائم المعنوية التي تمس الركائز الاجتماعية والأخلاقية، وتستوجب تدخلًا قانونيًا حازمًا.

اقرأ عن جريمة التشهير في الإمارات.

6. التهديد عبر الوسائل الإلكترونية

هو التهديد الذي يُرتكب عبر وسائل التواصل أو البريد الإلكتروني أو أي وسيلة تقنية، ويأخذ صور التهديد السابقة نفسها، لكن باستخدام أدوات رقمية. وتكمن خطورته في سرعة الانتشار وصعوبة تتبع مصدره أحيانًا، ما يستوجب رقابة تقنية وتشريعية مشددة لمكافحته.

اقرأ عن ما هي عقوبة الابتزاز الالكتروني في أبوظبي؟

الجهات المختصة لتقديم شكاوى التهديد

في حال تعرضك للتهديد، يمكنك التوجه إلى إحدى الجهات التالية حسب نوع القضية ومكان وقوعها:

  1. مراكز الشرطة: هي الجهة الأولى المختصة بتلقي بلاغات التهديد. يمكن التوجه إلى أقرب مركز شرطة وتقديم بلاغ رسمي مرفق بالأدلة (مثل رسائل، تسجيلات، شهود). بعض الإمارات توفر خدمات البلاغ الإلكتروني
  2. النيابة العامة: بعد تقديم البلاغ للشرطة، تُحال القضية إلى النيابة العامة التي تتولى التحقيق وتقدير ما إذا كانت التهديدات تستدعي توجيه اتهام رسمي. بعض الإمارات توفر تقديم الشكاوى عبر الإنترنت مثل نيابة أبوظبي.
  3. محاكم الدولة (الجزائية): في حال ثبوت التهديد، تحيل النيابة القضية إلى المحكمة الجزائية المختصة في الإمارة. تتولى المحكمة إصدار الحكم بناءً على الأدلة وتقدير خطورة التهديد.
  4. الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية (TDRA): تختص في حال وقع التهديد عبر وسائل إلكترونية (مثل رسائل، واتساب، وسائل التواصل).
  5. وحدات مكافحة الجرائم الإلكترونية: موجودة ضمن أجهزة الشرطة في كل إمارة، وتختص بتحليل وتتبع التهديدات الصادرة عبر الإنترنت. تتعامل مع حالات مثل الابتزاز الإلكتروني أو التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الأسئلة الشائعة حول عقوبة التهديد في القانون الإماراتي

نعم، يُعد التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعاقب عليه قانونيًا، سواء تم التهديد باللفظ أو الصور أو المقاطع، وتشدد العقوبة إذا اقترن بإساءة شرف أو ابتزاز.
نعم، يمكن للضحية الحصول على حماية قانونية أثناء التحقيق، حيث تقوم النيابة العامة أو المحكمة باتخاذ تدابير لحماية الضحية أثناء التحقيق، مثل منع الاتصال أو الاقتراب، خاصة في حالات التهديد الجسيم أو المتكرر.

حدد المشرّع الإماراتي أركان التهديد، وميز بين درجاتها من حيث الخطورة والنية والغرض، وفرض عقوبة التهديد في القانوني الإماراتي بحق كل من يتجاوز هذا الحدّ.

وفي حال التعرض لأي تهديد، يُنصح باللجوء الفوري إلى الجهات المختصة، وطلب المشورة القانونية من محامٍ مرخّص لضمان حماية الحقوق واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق الأصول القانونية.

تواصل مع أفضل محامي في ابوظبي عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.


المصادر:

  • قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021.
اتصل بنا