تخطى إلى المحتوى

الحق العام في السرقة في الإمارات: آلية السقوط والعقوبات

يُعد الحق العام في السرقة في الإمارات من المبادئ الأساسية في النظام القانوني، ويعبّر عن صلاحية الدولة، ممثلةً بالنيابة العامة، في ملاحقة الجريمة ومعاقبة مرتكبها، حتى إذا تنازل المجني عليه عن حقه أو تم التصالح بين الأطراف.

فجريمة السرقة لا تُعتبر مجرد اعتداء على مال الغير، بل تمسّ النظام العام وتهدد أمن المجتمع، ولهذا لا تسقط الدعوى الجزائية بمجرد التنازل، إلا في حالات استثنائية ينص عليها القانون صراحة.

في هذا المقال، نتناول شرحًا مفصلًا لمفهوم الحق العام في قضايا السرقة، ونوضح الفرق بينه وبين الحق الخاص، مع استعراض مراحل الإجراءات القانونية والعقوبات المحتملة، ومتى تكون الاستعانة بمحامٍ متخصص ضرورية لضمان الحقوق.

تواصل مع أفضل مستشار قانوني في أبوظبي عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.

ما هو الحق العام في السرقة في الإمارات؟

الحق العام في جريمة السرقة في دولة الإمارات هو السلطة التي تحتفظ بها الدولة، ممثلة بالنيابة العامة، في ملاحقة الجاني ومعاقبته حتى في حال تصالحه مع المجني عليه أو تنازل الأخير عن حقه الشخصي.

ويُعد هذا الحق تعبيرًا عن حماية النظام العام وأمن المجتمع، لأن جريمة السرقة لا تُعتبر مجرد اعتداء على ملكية فرد، بل تمسّ أيضًا استقرار المجتمع وسلامته.

ولهذا، تتولى النيابة العامة التحقيق ورفع الدعوى دون حاجة إلى شكوى من المتضرر، ويظل من حقها الاستمرار في الإجراءات القضائية حتى صدور الحكم.

وقد يأخذ القضاء بعين الاعتبار التنازل أو الصلح عند تقدير العقوبة، لكنه لا يُلغي الحق العام إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة، بما يضمن تحقيق الردع العام والعدالة.

الفرق بين الحق العام والحق الخاص في قضايا السرقة

في قضايا السرقة، الحق العام يمثّل مصلحة المجتمع وتُمارس ملاحقته عبر النيابة العامة لضمان النظام والردع، بينما الحق الخاص يرتبط بالمجني عليه الذي يمكنه المطالبة بالتعويض أو استرداد المسروقات.

وفيما يلي جدول يوضح الفروقات بشكل أوسع:

وجه المقارنة الحق العام الحق الخاص
صاحب الحق المجتمع ككل، تمثّله الدولة من خلال النيابة العامة. المجني عليه أو من يمثّله قانونًا.
الهدف الأساسي حماية الأمن العام، الردع، الحفاظ على النظام والقانون. جبر الضرر، التعويض، استرداد المسروقات، أو القصاص.
من يباشر الدعوى النيابة العامة تمثل المجتمع وتباشر الدعوى جزائيًا. المجني عليه أو محاميه يطالب بالحق الخاص أمام المحكمة الجزائية أو المدنية.
التنازل عن الحق لا يُسقط بالتنازل من قبل الضحية، ما لم يرد خلاف في نص القانون. يمكن للضحية التنازل عنه كليًّا أو جزئيًّا.
طبيعة الجزاء عقوبات جزائية مثل السجن أو الغرامة لصالح الدولة، بغرض الردع. تعويضات مالية، استرداد المسروقات، دية، أو القصاص.
سقوط الحق بالتقادم نادرًا ما يسقط، خاصة في الجرائم الكبرى. يسقط إذا لم يُطالب به الضحية خلال المدة القانونية.
الصلح أو التسوية لا يؤثر عادة في الحق العام؛ إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك. يؤدي الصلح إلى سقوط الحق الخاص غالبًا.

تعرف على أهم (7) جوانب من الفرق بين السرقة والاختلاس​ في القانون الإماراتي.

هل يسقط الحق العام بالتنازل عن البلاغ في السرقة؟

لا، لا يسقط الحق العام في جريمة السرقة بمجرد التنازل عن البلاغ أو التصالح بين المجني عليه والجاني.
فالنيابة العامة تتابع القضية باعتبارها جريمة تمس النظام العام، ويستمر التحقيق والمحاكمة حتى صدور الحكم، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك في حالات خاصة.

ومن هنا، تنبع أهمية فهم المراحل التي تمر بها قضايا السرقة في نطاق الحق العام، وصولًا إلى العقوبات التي يمكن أن تترتب عليها.

مراحل التعامل مع قضايا الحق العام في السرقة

كل جريمة سرقة تخضع لسلسلة إجراءات قانونية تبدأ من لحظة اكتشافها وتنتهي بالحكم القضائي. إليك تسلسل هذه المراحل:

مراحل التعامل مع قضايا الحق العام في السرقة في الإمارات

  1. تقديم البلاغ
    تبدأ الإجراءات غالبًا بتقديم شكوى من المجني عليه لدى مركز الشرطة القريب من مكان وقوع الجريمة، سواء حضوريًا أو عبر القنوات الإلكترونية المعتمدة مثل تطبيق شرطة دبي أو أبوظبي. وفي بعض الحالات، يمكن أن تتحرك السلطات تلقائيًا إذا تم اكتشاف الجريمة عبر الدوريات الأمنية أو أنظمة المراقبة الذكية، حتى في غياب شكوى رسمية، خصوصًا في الجرائم التي تمس الأمن العام أو تتسم بالخطورة.
  2. فتح التحقيق من قبل الشرطة
    بمجرد تسجيل البلاغ، تتولى الشرطة جمع الأدلة المادية والفنية، مثل رفع البصمات، وتحليل تسجيلات كاميرات المراقبة، وفحص مسرح الجريمة. كما يتم استجواب المشتبه بهم والشهود، وإعداد محضر شامل بالوقائع. في هذه المرحلة، لا يمكن للمجني عليه التنازل عن الحق العام، إذ إن القضية أصبحت مرتبطة بمصلحة المجتمع، لكن يمكنه الاحتفاظ بحقه الخاص للمطالبة بالتعويض لاحقًا.
  3. تحقيق النيابة العامة
    بعد اكتمال ملف التحقيق، تحيله الشرطة إلى النيابة العامة التي تمثل الدولة والحق العام. تقوم النيابة بدراسة الأدلة لتحديد ما إذا كانت كافية لتوجيه الاتهام وإحالة المتهم إلى المحكمة. قد تقرر النيابة حفظ القضية إذا كانت الأدلة غير كافية، أو المضي قدمًا في رفع الدعوى. وفي حال وجود صلح أو تسوية مالية بين الطرفين، يمكن أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار لتخفيف العقوبة، لكنه لا يؤدي عادة إلى إسقاط الحق العام.
  4. المحاكمة أمام المحكمة الجزائية
    تُحال القضية إلى المحكمة المختصة (الجنائية أو الجزائية) حسب جسامة الجريمة، وتبدأ جلسات المحاكمة بحضور ممثل النيابة العامة، الذي يقدم أدلته ودفوعه لتمثيل المجتمع. يستمع القاضي إلى مرافعات الدفاع والشهود، ويُقيّم جميع الأدلة قبل النطق بالحكم. في الجرائم المشددة، قد تصل العقوبة إلى السجن لمدد طويلة.
  5. الاستئناف والنقض (إن وُجد)
    إذا لم يرضَ أحد أطراف الدعوى بالحكم، يحق له الاستئناف أمام المحكمة الأعلى درجة خلال المهلة المحددة قانونًا (عادة 15 يومًا من صدور الحكم الابتدائي). وفي حال وجود أسباب قانونية محددة، يمكن الطعن أمام محكمة النقض لطلب مراجعة تطبيق القانون في الحكم الصادر.
  6. تنفيذ الحكم
    بعد أن يصبح الحكم نهائيًا وباتًا، يتم تنفيذ العقوبة من خلال الجهات المختصة مثل إدارة المنشآت العقابية أو دوائر التنفيذ المالي في حالة الغرامات. وفي حال صدور عفو أو تخفيف للعقوبة، يتم تنفيذ القرار وفق الأصول القانونية.

ما العقوبات المرتبطة بالحق العام في السرقة؟

تختلف العقوبات باختلاف نوع السرقة والظروف المحيطة بها، ولكنها تبقى خاضعة لمبدأ حماية الحق العام، وتشمل:

  • الحبس: في حالات السرقة البسيطة، قد يُحكم على الجاني بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وقد تصل إلى ثلاث سنوات. أما في حالات السرقة المشددة (كأن تتم ليلًا، أو مع الكسر، أو باستخدام سلاح)، فقد تصل العقوبة إلى السجن المؤقت من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة.
  • الغرامة: تُفرض الغرامة المالية عادةً كعقوبة تكميلية أو بديلة في بعض الحالات البسيطة، وتحدد المحكمة مقدارها وفقًا للظروف.
  • الإبعاد عن الدولة: إذا كان الجاني غير مواطن إماراتي، يجوز للمحكمة أن تأمر بإبعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة، خصوصًا إذا كانت الجريمة تمس الأمن أو تنطوي على تكرار.
  • عدم سقوط العقوبة بالتصالح: حتى في حال تعويض المجني عليه أو إبرام صلح، فإن العقوبة المرتبطة بالحق العام لا تسقط تلقائيًا. وقد يُراعى ذلك فقط لتخفيف العقوبة وليس لإلغائها.

لا تتردد في استشارة محامي جنائي​ في أبوظبي إذا كنت تواجه تهمًا في السرقة وترغب في الحصول على دعم قانوني والتعرف على أهم الدفوع في قضايا السرقة بالإمارات.

متى تحتاج إلى محامٍ متخصص في قضايا الحق العام؟

تحتاج إلى محامٍ متخصص في قضايا الحق العام عند أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة في جريمة تمس النظام العام، مثل السرقة، خاصة إذا وُجهت إليك تهمة أو كنت ضحية لجريمة. وإليك أبرز الحالات التي تبرز فيها أهمية الاستعانة بمحامٍ:

  • عند الاستدعاء أو التحقيق من قبل الشرطة أو النيابة: وجود محامٍ في هذه المرحلة يضمن لك فهم حقوقك، وتقديم دفاع قانوني سليم، وتجنّب الإدلاء بأقوال قد تُستخدم ضدك لاحقًا. كثير من المتهمين يُسيئون التقدير في هذه المرحلة دون استشارة قانونية.
  • إذا تم توقيفك احتياطيًا: يمكن للمحامي تقديم طلبات الإفراج أو الطعن في مشروعية الحبس، والتواصل مع النيابة لتخفيف إجراءات التوقيف أو طلب بدائل عنه.
  • أثناء المحاكمة أمام القضاء: المحامي يُرافع عنك أمام القاضي، ويُقدّم الدفوع القانونية التي قد تؤدي إلى تخفيف العقوبة أو حتى البراءة إن كانت الأدلة غير كافية أو بها ثغرات إجرائية.
  • إذا كنت مجنيًا عليه وترغب بالحفاظ على حقك الخاص: حتى وإن كانت الدولة تتابع القضية بالحق العام، إلا أن وجود محامٍ يُمكنك من المطالبة بالتعويضات المدنية، وتقديم مستندات تُثبت الضرر، والمشاركة في الإجراءات بفعالية.
  • في حال وجود تصالح أو رغبة بتسوية: المحامي المتخصص يُساعدك على إبرام صلح قانوني لا يُؤثر على موقفك لاحقًا، ويُتابع أثر هذا الصلح على سير الدعوى، مع توضيح ما إذا كان يؤثر على الحق العام أو لا.

الأسئلة الشائعة حول الحق العام في السرقة في الإمارات

مدة السجن في الحق العام لجريمة السرقة بالإمارات تختلف حسب جسامة الجريمة والظروف المشددة أو المخففة، وتتراوح غالبًا بين ستة أشهر وعشر سنوات، وقد تصل للمؤبد في الحالات المقترنة بالعنف أو السلاح.
تسقط قضية السرقة بالتقادم إذا لم تُباشَر الدعوى خلال المدة المحددة في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي، وهي غالبًا عشر سنوات للجنائية، وثلاث سنوات للجنح، ما لم توجد ظروف توقف أو تقطع المدة.
تثبت جريمة السرقة في الإمارات بالأدلة المادية مثل بصمات الأصابع أو تسجيلات الكاميرات، وأقوال الشهود، وتقارير الخبرة الجنائية، واعتراف المتهم أمام الجهات المختصة، مع ضرورة توافر القصد الجنائي المتمثل في نية الاستيلاء على المال.

في نهاية المطاف، يعكس الحق العام في السرقة في الإمارات التزام الدولة بحماية النظام العام، والحفاظ على الردع المؤسسي، حتى عندما يبدو الصلح بين طرفي الجريمة. وهذا يعني أن التصالح لا ينهي بالضرورة المسار القضائي.

فهم هذه التفاصيل يساعد على تقييم الموقف القانوني بدقة وضمان حماية الحقوق. تواصل مع أفضل محامي في أبوظبي بالضغط على زر الواتساب أسفل الشاشة.

اقرأ عن الشروع في جريمة السرقة في القانون الاماراتي.


المصادر:

قانون العقوبات الإماراتي الاتحادي رقم (31) لسنة 2021.

اتصل بنا